الأربعاء، 19 نوفمبر 2008

خارج مملكتك ( من كلماتي)


أحاول أن أتذكر ماذا كنت قبلك, وكيف كانت حياتي قبل أن يأتي عصرك..
نهر راكد الأمواج, سماء بغير سحاب و لا نجوم. نفس مستكينة لم تختبر ثورات الغضب العارم, وانقلابات السعادة الفجائية.
عالمي قبلك كان هادئ, فارغ ..يمتد أمامي صحراء جليدية مشدودة من تحت أقدامى وحتى الأفق بلا ألوان.. بغير حياة.
ويوم ظهرت بأيامي,
أدخلتني دوامة صاخبة المشاعر.. زاعقة الأحاسيس.
حطمت صدفة انطوائي وتركت روح الأنثى اللؤلؤية عارية تحت شمسك المتوهجة.
أخذتني لجزر قمرية ترسو على شواطئها الفضية في الليل أحلام البنات.. فيتوج كل فارس أميرته تاجًا من الأنجم والياسمين..أثرت في قلبي عاصفة من ورد وأحلام.. عزفت على أعصابي المشدودة لحناً مجنون الانفعالات.
قدت سفينة جنوني في نهر ثائر, واندفعت نحو الشلال بإصرار محموم.. اغرقتنى فيك.. في فيض عواطف لم اعرفها يوما..علقتنى بشعاع نجمة هاربة, طافت بي الكون في لحظة ثم أعادتني ثانية إليك.. فسقطت معك فوق غمامة عطرية.. وأمطرنا على الدنيا شذا وعبير..
تهدم صرح قناعتي.. فما عاد شئ في الكون يرضيني إلا إذا عبر إلي من خلالك..ما عدت اسعد إلا بك … لا يروى حنيني إلا نظرة عينيك, لا يطفئ اشتياقي سوى صدى همسك, لا يطمئن خوف قلبي غير دفء لمستك.. أحدثت في حياتي انتفاضة حب وهيام.. أبدلتني بامرأة حية.. تحب وتحب..تعيش لحظات عمرها.. لا تعيشها الأيام وتمضغها السنين..
لكنى.. وبرغم كل هذه الحياة التي بعثتها في أيامي, وهذا الدفء الذي أرسلته في أصقاعي.. والسعادة التي ظللت بها عالمي الصغير..أتخلى عن تاج الياسمين وأحلام البنات.. اهجر مواعيد السهر, وأدير شراعي بعيدا عن شوق الليالى ودموع الأنجم.. فارتد بعدك لجحيم ثلوجى, وتموت الأنثى بداخلي بردا و وحدة.
فحياتك ملئ بالأسرار والأفكار التي أبدًا لن تفهمني, أو تفهم ذلك الغرام الذي ضم قلبينا بين يديه.
لن يفهمني عالمك بكل قوانينه وأحكامه وقيوده..ذلك العالم المحاط بسياج نارية ضاربة في عمق الأرض والزمن, لن يقبل بدخولي الحالم مرتدية ثوبًا وردى الآمال.. أحكام صارمة فرضتها عقول ولت منذ دهور, لكنها أبدًا ما رحلت مع أصحابها.. بقيت مثل الأرض تتوالى عليها الأزمنة وتظل كما هي..أحكام تحول دون لقائنا.. تقف بين تعانق اكفنا.. تجرم نظرة عيوننا ونبض قلوبنا, ترفع في وجه مشاعرنا آلاف السيوف والمشاعل..هذه القوانين التي نصبتك ملكًا على مملكة, ونفتنى خارج أسوارها..لا جدوى من تحديها ببقائي في عالم ترفضني أعرافه و تحكماته..عالم تحكمه أنت, ويحكمك هو.
فاترك يدي, وقلبي, وعمري.. و دعني احمل أحزاني واخرج من مملكتك, عائدة لعالمي المهشم كزجاج المرايا.. كل جزء منه يعكس ذكرى لنا ..ليس لي الآن سوى ذكرياتك اجتر حلاوتها في مرارالايام, أضمها في قسوة ليالي الشتاء…أتنسمها في هجير الشوق, واستنير بها حين تشتد عتمة المجهول.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق