الخميس، 20 نوفمبر 2008

قمر و بحر.. وجنون (من كلماتي)

التقينا.. لأنه قدر لخطانا أن تلتقي.. هل كنا على موعد؟

وكلٌ منا يسير في اتجاهِِ عكس الآخر.. وكلٌ منا يدور في فلك مختلف.. سابحًا في فضاء بعيد
..تقابلنا خارج الزمن.. في لحظة أبدية.. هاربة مثلنا من حصار الوقت.. من صراعات الممكن والجائز, والمعقول.. وعالم ليس فيه سوانا, احتوانا في شاطئ على حافة الكون.

كنا أخر البشر.. أخر قصة تحفظها ذاكرة القمر.. ترددها في الأمسيات همسات النجوم.كان للحب حتمية المصير, وإصرار القدر..

عيناك تعزف فالسي المفضل, وتدعوني للرقص تحت ابتسام البدر الصديق.موسيقى البحر تكمل اللحن الجميل.. والساحل الرملي يضم وحدتنا..

فقط أنا وأنت.. مجنونان هاربان من حدود العقل.. مسافران على جناحي ليل خارج الفقاعة الأرضية الزرقاء.أنت كل ما أريد.. وكل ما املك.. وأنا حلمك الذي يتحقق.
القمر يهرب من حصار الغيم ليتبعنا, ليضع قبلة نورية فوق جبيني..ويضئ شموعا في أعماق عينيك الحالكتين.وأنا أتمايل بين يديك كتراقص وشاحي الحريري مع نسائم المساء في رقصة حالمة,وأناملك تداعب أوتار جيتار وهمي على خصري..ينحدر شعري شلال ظلال على كتفك حين أميل برأسي.. مغمضة عيني.. تاركة أمري بين يديك..يضمني عبيرك البحري أكثر من أنسام البحر..
استشعر شوقك من عطش اللمسة, من عمق النظرة.. آه.. كم رائع إحساسي بملمس عينيك !!مخمل وحرير ينساب على وجهي..وكم مذهل.. آسر.. مسكر صوتك تسكبه في أذني !
همساتك خمر.. اخطر أنواع السحر.. أترنح من فرط السكر..النشوة تعربد في دمي.. أوصد عيني أمام اندفاع المد.. ومذاق الخمر دوار ناعم يخدر عقلي.. ذراعاك تطوقني.. تلملمني.. امرأة تحترق أمام البحر..
الموج يلامسني.. ويبلل أقدامي وثوبي..مازلنا سويا نرقص.. والموسيقى تنساب منك وحولك ناعمة ملساء..وكان البحر بيانو يعزف إحساسك أنغام زرقاء..
البدر لؤلؤة تلاحقها السحائب.. فيدثرنا ظلام داكن بعبائته السوداء. وعلى صدرك أنا زهرة نرجس غارقة في الحب وماء البحر..اشعر بك تغرقني.. تخترقني.. كماء البحر..لم اشعر يوما أني حية كهذا الوقت.. بين يديك لحياتي صخب آلاف الحيوات, لقلبي قرع طبول نوبية, وخفق أجنحة مئات الفراشات..دمي نار تسري في أوردتي.. شعري يرقص مع الريح رقصا غجريا, وثوبي يشاركه الإحياء.. أصابعك تشق ظلمة خصلاتي الميساء.. وتنحدر مع الموج الداكن في رحلة إلى أقصى الأعماق.. يتكسر دفء اللمسة على جيدي الأملس.. أتأوه في صدرك..إن لم تتوقف سأٌجن...
يا سيد فن الإغواء..
السنة لهيب تؤجج شراييني.. ورفيف ثيابي يصرخ باستجداء..الحمى تضرب في جسدي بمعول الرجفة.. وعلى شفتي الصمت نداء
..ألا تشعر باحتراقي! بزوالي إلي نار و رماد..بنانك على عنقي يترك آثار الجمر..وشفاهك هذى التي تخزن كل كروم الشرق.تقترب بفتنة, وتتراجع في إغراء.. تدير بحنكة معركة الشوق..أتلاقى بعينيك في قلب الإعصار..أهدابك شطآن نخيل تحرس نهر فضي وشمس سمراء
..اظمأ في نهرك, تصلبني شمسك فوق رؤوس النخل.. وأذوب من الإعياء,أهدابك تنغرس سيوفا في قلبي.. فهل إذا مت يكتبني الله ضمن الشهداء؟
أدور في دوامة بغير قرار..يداي تتشبث بثيابك... اتكئ على زنديك... أجاهد كي لا انهار...لكن ذراعيك تضمان ارتعاشة خصري... إنني احتضن النار...
.. هل هذا قلبي ينتفض قريبا من قلبك ؟..هل هذي صرخة ريح ؟ أم هذا وجيبي ضائعة في الإعصار؟ في هذا الليل.. وهذى الوحدة.. ذراعاك هما المأوى من برد العتمة.. شفتاك موانئ إنقاذ من خطر الإبحار.. أصابعك دثار لرجفة كفي المذعور..ارفع رأسي وأواجه عينيك تشهر في وجهي أسيافها السوداء..
ينحسر المد….
أحاول أن اصمد , أتعلق ببقايا وعي يتوسلني الفرار..تنشق السحب السجانة.. وتطلق سراح القمر,ينفرط على صدر السماء حبة من فضة,وجهك يتألق بإطلالة نورية.. وتتراقص شعل الشموع في الأعماق الحالكة.المح على شفتيك انفراجة بسمة.. ووميض وجوف..فأتلاشى.. وتتلاشى ذاكرة مقاومتي.. يغيب وجهي خلف جبل ظلال يفاجئني, حاجبًا عني الضوء اللجيني..يهاجمني عطرك من كل مكان..أنفاسك تلفح لي وجهي وكأن بين ضلوعك يتوقد بركان...والجيتار الوهمي تتأوه أوتاره الولهى بين عذاب واستعذاب...وعلى شفتي الحيرى يتنزل ملاك وشيطان..ملاك يتلو شعرًا.. وشيطان يسقي خمرًا..فمك على شفتي يحكي قصصا.. يبدع فنًا.. ينبت أزهارًا وعنبًا..ويصب الجمر حدور نيران في فمي وجسدي المتحرق..كفاي المبسوطان على صدرك يفران من معمعة الحرب, ويتجهان شمالًا يلتمسان الراحة والسلام في حما الكتفين..تندس الأنامل الناعسة في غبشة الشعر, وتغفو..

يتغمدنا المد..

يهدهدنا.. يداعبنا.. بساط مائي يتقافز حولنا طفوليا ينثر علينا فضة وعبير.. يسحبنا لأودية البحر الممتدة.. لحدائق الزرقة, والمحار, وشقائق النعمان..أنت بين ذراعي.. قمر ترك منزله السمائي ونام على شفتي..وأنا في أحضانك.. لؤلؤة تنتشي بالغرق..

البحر ينادينا.. فتعالى نلبي نداء العشق.. ونذوب معا في العمق.. نغدو زبدا..يلمع ماسًا على الصفحة المتراقصة.. ملايين النجوم تفترش سطح الماء,يضم رمال الشط.. يلقي عليها عطور, وفيروز, وزهور.. ثم يرتد عائدًا لمعانقة الموج

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق