الخميس، 16 ديسمبر 2010

كتاب یدیكِ _نزار قباني


كتبُ یدیك .. أمیر الكتبْ
ففیه قصائد مطلیة بالذھب
وفیه نصوص مطعمة بخیوط القصبْ.
وفیه مجالس شعر وفیه جدول خمر وفیه غناءٌ
وفیه طربْ.
یداكِ سریرٌ من الریش ..
أغفو علیھ،
إذا ما اعتراني التعبْ
یداكِ ..
ھما الشعرُ ، شكلاً ومعنى
ولولا یداكِ ..
لما كان شعرٌ
ولا كان نثرٌ
ولا كان شيءٌ یسمى أدبْ.


٢


كتب یدیك
كتابٌ صغیر .. صغیرْ ..
ولكنھ صار موسوعتي
فما تعلمت،
كیفَ النحاسُ الدمشقيُّ یطرقُ
كیفَ تحاك خیوط الحریرْ
ومنھ تعلمتُ ،
كیف الأصابع تكتب شعراً
وأن حقولاً من القطن
یمكنھا أن تطیرْ ..


٣


كتاب یدیك ، كتابٌ ثمینْ
یذكرني بكتاب ( الأغاني ) ،
و ( طوق الحمامھْ ) ،
و ( مجنون إلزا ) ‘
وأشعار لوركا
وبابلو نیرودا،
ومن أشعلوا في الكواكب
نار الحنینْ ..
كتاب یدیك ..
یشابھ أزھار أمي
فأول سطر من الیاسمین
وآخر سطر من الیاسمین
یداكِ ..
كتابُ التصوف، والكشفِ ،
والرقص في حلقات الدراویش
والحالمینْ ..
إذا ما جلستُ لأقرأ فیھِ
أصلي على سید المرسلینْ ...
٤كتاب یدیكِ
طریق إلى اللهِ،
یمشي علیھ الألوفُ من المؤمنین
وبرقٌ یضيءُ السماءَ
وعزفٌ جمیلٌ على المندولینْ.
كتابُ یدیكِ ، كتابُ أصول وشعر .. وحبٍّ ..
وفقھٍّ .. ودینْ ..
تخرجت من إماماً
وعمري ثلاثْ سنینْ ...


٥
كتابُ یدیكِ
یوزع خبزَ الثقافة كل نھار
على الجائعین.
ویعطي دروسَ المحبة للعاشقین
ویلمع كالنجم ، في عتمة الضائعینْ
وكنتُ أنا ضائعاً ، مثل غیري
إلى أن قرأتُ كتابَ یدیكِ
فأدركتُ نور الیقینْ.

٦


حدیثُ یدیكِ،
خلالَ العشاءْ
یغیرُ طعم النبیذ،
وشكلَ الأواني.
أحاولُ فھمَ حوار یدیكِ
ولا زلتُ أبحثُ عما وراءَ المعاني
فإصبعة تستثیر خیالي
وأخرى تزلزل كل كیاني.
حمامٌ ..
حمامٌ ..
یحط على كتفي
فمن أینَ ھذا الحمامُ أتاني ؟
و ( موزارت ) یصحو .. ویرقد
فوقَ مفاتیح ھذا البیان
ویغسلني بحلیب النجوم
وینقلني من حدود المكان .
٧
لماذا أضَیِّعُ
أمامَ یدیكِ اتزاني؟
إذا ما لعبتِ بزر قمیصي
تحولتُ فوراً ،
إلى غیمة من دخان ...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق