الأربعاء، 21 أكتوبر 2009

كالطلقة.. لا تُستردّ الكلمات ahlam mosteghanemi


كم من مرة يمكن للذي يطلق عليك النار أن يُردِيك قتيلاً؟

هي مرة واحدة. لكن في الحبّ، حتى الرصاصات البيضاء في إمكانها قتلك.

ولا يهم في لعبة «الروليت الروسية» للموت، أن تكون واحدة من الرصاصات فقط حقيقية.

ـ تلك اللحظة التي ترى فيها مَن تحب ممسكاً بمسدس الكلمات، موجهاً فوهته نحو قلبك، لن تغادرك أبداً.

ـنيّته هي التي تقتلك.

ـ سيقول لاحقاً معتذراً، إنه بقتلك كان يتوقع استعادتك، وهو لا يدري أن الكلمة كالطلقة لا تُسترد.ـ

••

بَـلَـى.. في إمكان المرء أن يُدفَن في مكان، وقلبه في مكان آخر. عندما توفي «شوبان» سنة 1849، دُفن جسده في مقبرة «بير لاشيز» في باريس، بينما بُعث قلبه حسب وصيته إلى فارصوفيا، حيث لايزال في كنيسة «السان كروا».

ـ لا يعنيني أن يُدفن جسدي في مسقط رأسي.

ـ وصيتي أن أواصل النبض في مسقط قلبي، هناك، حيث رأيتكِ لأول مرة، وأن يتساءل أجيال العشّاق الذين سيجلسون على طاولتنا، كيف استغرقني حبك حدّ نسيان قلبي أن يموت بموتي؟

• •

يوم أحببتك، تمنيت لو أني متُّ قبل أن نلتقي خشية أن نفترق.

ـ وحين افترقنا، أدركت أن في إمكان المرء أن يموت أكثر من مرة. عندها، ما عُدت أخاف الموت. صار الحب خوفي.

ثم قرأت قول أوفيد قبل عصور: «الرجال تقتلهم الكراهية، والنساء يقتلهن الحب»، فقررت أن أكرهك، عساك تجرّب الموت مرة واحدة!ـ

• •

«حين أموت سأستمر في سماع ارتجافة فستانك في الريح».. تصريح عشقيّ لخوان جلمان، وهو شاعر أرجنتيني يعمل من قبره عاشقاً بدوام كامل.

ـ أحياناً، ترى عيون الموتى التفاصيل، التي يعمى عن رؤيتها الأحياء. فالنظر يكمن في القلب لا في العيون.

ـ الموتى ليسوا دائماً الذين نتوقّعهم. البارحة، في رسالة هاتفية، أخبرني الرجل الذي مات قبل خمسة أشهر، أنه عاد بعدي إلى شيخوخته وإلى سترته القديمة، وهنأني على سرعة خروجي من جحيمه.

ـ لم أسأله ماذا فعل ببدلاته الأنيقة. و لا سألني ماذا ارتديت في غيابه.إنها الريح، ماعادت تعمل ساعي بريد بيننا. لا وقت لها لحمل رذاذ أخبارنا. مشغولة هي بنقل ارتجاف فستان تلك المعشوقة.. إلى قبر شاعرها الميت!


من مقالات زهرة الخليج نُشر في ديسمبر 2008

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق