الخميس، 23 فبراير 2012

غسان كنفانى

أيتها الذكرياتُ

آنَ لي أنْ أغادرَ مراياكِ إلى الكتبِ التي لمْ أقرأها بعدُ

آنَ لي أن ألملمَ شظايا نفسي من الحاناتِ.
...
وأرجع إلى البيتِ – كهولتي المبكرةِ – قبلَ الواحدةِ على الأقل

آنَ لي أن أعيدَ ترتيبَ جنوني كي أصلحَ للنشرِ

آنَ لي أن أشربَ فنجانَ قهوتي الصباحية

بعيداً عن صباحكِ العاطلِ في المصعدِ العاطلِ

آنَ لي أن أفتحَ رئتي على اتساعِ الغاباتِ

وأطلق عصافيرَ أيامي الباقية

– التي لم يجففها الصيفُ والأقفاصُ والقنابلُ –

بعيداً، باتجاهِ الأفقِ والغصونِ البليلةِ والموسيقى

آن لي أن أحرقَ أوراقي

وأستقيل من هذهِ الوظيفةِ الرتيبةِ

موظف أرشيفٍ في متحفِ الذكرياتِ

أجمع الصورَ القديمةَ وطوابعَ الأحزانِ والأسماءَ التي انقرضتْ

لن أنتظرَ سنَّ التقاعدِ – كما يفعلُ الآخرون –

ففي صدري رجلٌ فوضويٌّ

لا يحب غرفَ الأضابيرِ الصفراء

ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ

وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة

ولا يطيق رائحةَ أدويةِ التحنيطِ

وداعاً أيتها الذكريات المحطنّة

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق