الأحد، 15 يناير 2012

من رسائل غسان كنفاني الى غاده السمان


كيف ذهبت دون أن أحس بك ؟ كيف مرت عيناك في عمري دون ان تتركا على وجهي بصمتهما ؟ ك...يف لم أتمسك بك ؟ كيف تركتك - ياهوائي وخبزي ونهاري الضحوك - تمضين ؟ ام انا من مضى لست أدري؟

ايتها المرأة الطليقة ، يامن قبلك لم أكن وبعدك لست سوى العبث ، من بحر عينيك سقيت ضياعي جرعة الماء التي كانت دوما سرابا ، وفوق راحتيك تعرفت الى مرساتي ووسادتي وليلي .

يا طليقة .. أيتها المرأة التي مثلك لا يرى ، أيها الشعر الذي رف تحت جفني مثل جناحي عصفور ولد في رحم الريح ، ايتها العينان اللتان تمطران خبز القلب وملح الهوب الجديبة ، يا طليقة كيف انخلعت هكذا عني؟ كيف شلت مرساتك من عشبي وتركت بحري ؟ بعدك ليس الا الخواء ، دونك لست سوى قطرة المطر الضائعة في سيل عشت معك حقيقة عمري ، ضعت فيك الى حد لم أصدق انه قد نمضي بعيدا ، كان ذلك مثل المستحيل

ولكنك - ذات صباح - غبت كما لو أن شروقك في جبيني لم يكن ! وورقة على حافة الفجيعة " غادرت لتوك ومازلت احسك بين ذراعي ، .. هل اقول لك الى اللقاء ؟ انها كلمة ليست شخصية بصورة كافية ، تبدو وكأن شخصا استعملها قبل لحظة وتركها مرمية هناك ، الشيء الوحيد الذي أستطيع ان اقوله .

ايتها الطليقة ذلك كله عبث ، الكلمات علكت من قبل اناس اخرين . ولكن وقع يدك على جبيني كان دائما ولادة لشيء رائع ومتوهج ، مثل ومضة لهب، كان دائما شيئا خاصا ولا يعوض
الكلمات عبث ،ايتها السحابة التي امطرت على جفافي موسما من الخصب ، ولكن في عينيك كانت توجد دائما الكلمة الجديدة البكر التي لم تصدأ من كثرة ما تناقلتها الشفاه ، كانت تولد في قبضة الصمت نبضا عبقريا يلتمع بالدهشة .

(...)

ماذا اقول لك ؟ ان النسيان هو احسن دواء اخترعه البشر في رحلتهم المريرة ، ومع ذلك فأنا لن انساك . أنت تخفقين في رأسي مثل جناحي عصفور طليق ، امام بصري ينتثر ريش الطائر الذي حط وطار ، مثل لمح البصر وها أنذا .. متروك هنا كشيء ، على رصيف انتظار طويل ، يخفق في بدني توق لاراك ، وندم لاني تركتك تذهبين ، اشرع كفي اللتين لم تعرفا منذ تركتك ..غير الظمأ ... اي عشق جميل انت


 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق