الجمعة، 28 أكتوبر 2011

أحلام مستغانمي

‏​​‏​لعل بداية السنة فرصة لكي أقتني دفتراً هاتفياً جديداً أنقل عليه  ما نجا من الأسماء و ما صمد من الأرقام، يتناقص الأصدقاء عاماً
بعد عام بعضهم سقط من القطار و آخرون سقطوا من القلب..
لا وقت لي لأنتشل أحداً!
لذا أحتفظ بدفتر هاتفي تعيد الأيام تشكيل أرقامه، لا أكترث لفوضاه ولأرقام كتبتُ بعضها على عجل دون أسماء كأنّني أعرف أصحابها، وها أنا لا أدري أي اسم أضع عليها! أتصفّح مفكّرة كأنّها مقبرة لأناس كان بعضهم يشغل صفحتها  الأولى، و كانت يدي تطلبهم أكثر من مرّة في اليوم في هواتف عابرة للقارات و لم تبق اليوم سوى أطلالهم شواهد قبر مكتوبة كيفما اتفق حسب التسلسل الأبجدي للخذلان..
يا لرقمهم الغالي ذاك كيف مات! الأرقام تموت أيضاً بموت أصحابها في قلوبنا و ترخص حين يرخصون.
الأرقام الحبيبة التي أصبحت غريبة عنا حدّ الأذى , الأرقام التي خانتنا و فتحت قلبها لصوت غير صوتنا  كلما وقعنا عليها في دفتر هاتفنا أحزننا التعثر بجثتها!
كلّما تقدّم بك العمر صَغُرَ دفتر هاتفك. أصبحت أكثر انفراداً و حريّة، فأنت لا تريد هاتفاً يدقّ بل هاتفاً يخفق..وعليك ألّا تشغل الخط بل
أن تشغل وقتك في انتظار الحبّ، (ولما لا بإعادة نسخ دفترك  الهاتفي) فحين سيدقّ هاتف الحبّ لن يترك لك وقتاً لشيء !
ذلك أنّ الحبّ حين يحضر سيختصر كلّ الأرقام في رقم واحد،  يزدحم به هاتفك ووقتك، وستضحك حينها من استبداد الذاكرة
التي كانت تحفظ رقماً هاتفيًّا من أحد عشر رقم ولا تحفظ رقماً من  ستة أرقام..هو رقمك!
لا تمضوا نصف أعماركم في فضّ الاشتباك مع جبروت الذاكرة.
باشروا فوراً باقتناء دفتر جديد. اختصروا أرقامه ما استطعتم. و  تذكّروا أنّ أرقاماً ما عاد يحفظها قلبكم و نسيت يدكم منذ متى لم
  تطلبها، لا تستحقّ أن توجد على الصفحة الأولى لدفتر هاتفكم.

♥ ♥

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق