الثلاثاء، 30 أغسطس 2011

مقال قصير أكثر من رائع - محمد فتحى


صورته في السونار. تكبيرك في أذنيه بعد الولادة.

تصويرك لأول ابتسامة له. فرحتك بضمة أصابعه الصغيرة على سبابتك إذا قربتها إليه.
تسجيلك لتاريخ أول كلمة(بابا) ينطقها. نزولك لتصويره صور المدرسة الـ4×6. قرف الدروس لكي يكون «أحسن منك».
خوفك عند تأخره في العودة من أول رحلة. ضحكه معك وتعللك الدائم بـ(الشغل) إذا ما طلب منك أن تلعب معه. حلمه بأن يصبح طبيبا. تعليماتك له وأنت تعلمه حلاق...ةالذقن. خناقات الثانوية العامة.. رعبك من أن يكون «بيشرب سجاير من وراك». فخرك به في أول يوم جامعة. احمرار وجهه بعد تلقيه مكالمة من إحدى زميلاته. صيحاتك معه والأهلي يحرز هدفا. زهقك من فتحه للجرنان قبلك. غضبك من استيلائه الدائم على ملابسك لأن مقاسكما أصبح واحدا. تفكيرك الدائم في كيفية تأمين مستقبله، وشراؤك للشقة التي سيتزوج فيها. عدم اقتناعك بالفتاة التي يريد خطبتها. تحذيرك له من النزول يومها. الصوت الغريب الذي يأتيك من موبايله، وهو يؤكد أنه في المستشفى. استلامك لجثته من المشرحة بعد جمعة الغضب. خروجك للميدان تنادي باسمه وتقبل صورته بين الحين والآخر. فخر الجميع بـ(أبو الشهيد). اشتياقك لحضنه ورائحته ويقينك أن ما ذهب لن يعود. ثم يخرج العيسوي وضباطه متهمين إياه بأنه بلطجي وأنهم كانوا يدافعون عن أنفسهم.
تدرك أنك ستقابله في مكان مليء بنور على نور. بينما سيذهب الآخرون لأقذر وأحط مزابل التاريخ

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق