السبت، 14 سبتمبر 2013

المهم أن عضلة قلبي تحركت



بعد نهاية كل قصة حب عشتها، لا بدّ أن أُسأل ذلك السؤال البغيض ذا النكهة المُرّة، «هل تظنين أنه أحبك؟»، وتأتي إجابتي دائماً بقوة سهام رجال الهنود الحمر، وهم لايزالون مُصرين على أن يدافعوا عن أرضهم ومالهم وغنائهم وخيولهم، أوغر سهامي دون خوف بالشكل المطلق في قلب السائل الذي ينتظر مني ضعفاً وحزناً وخيبة، «لا يهم، المهم أن عضلة قلبي تحركت».
منذ أن وعيت على الحياة، وبرغم ضعفي وقلة حيلتي أحياناً، وبرغم أوجاعي اليومية، التي لا أذكر منها سوى هوسي بالتخلص من «حب الشباب» الظاهر على جبيني وظهري، حيثُ كنت أسعى بكل ما أوتيت من قوة لكي أتخلص منه، كنت أتصور أن بمجرد الخلاص من تلك الحبوب، سأكون أكثر جمالاً ورقة وعذوبة، تصورت أن كل ما ينقصني لكي أصبح فتاة قوية، هو أن أجد علاجاً سريعاً للتخلص من هذه الحبوب التي كانت تسبب لي حساسية في اكتمال «هيكلة» شخصيتي، للحظة تصورت، بأن الحياة كلها تتوقف حينما أستيقظ ذات صباح، وأجد وجهي وكتفيّ خاليين من آثار الرؤوس البارزة الملتهبة، التي كانت تشعرني بالغثيان في كل مرة أنظر بها إلى المرآة.
إجابتي لم تكن تتغير، لاأزال حتى الآن أتذكر المفردات التي تعودت أن تخرج من فمي عندما أواجه مثل هذا التساؤل الأحمق، لكن المفردات الآن تخرج بشجاعة أكبر، تخرج وهي ترتدي فستاناً حريرياً، وشعراً مملساً بمواد الترطيب، تخرج كلماتي أكثر حرية من ذي قبل، وهي معطرة وقد لونت أظافر أصابعها بمناكير «مستوردة»، وماذا يعني أن تكون في علاقة عاطفية وتخرج منها دون أن تعلم إن كان الطرف الآخر قد أحبك أم لا؟ ما الذي يمكنك أن تفعله إن اكتشفت عكس ذلك؟ وما هي قدرتك على أن تغير من حجم هذا الكون، إن كان من في حياتك قد شغف حُباً بك أم أن مشاعره تجاهك كانت مثل ثلج «بو صالح»؟!
خيباتنا في الحياة لا تتوقف أمام شخص انتهت علاقتك به، ولاتزال تفكر إن كان قد ذاب عشقاً بك، أو كان يحمل لك وداً وعسلاً وورداً في قلبه أم لا؟ لا تزعج نفسك في المعرفة الغيبية، فأنت لا تملك مقياس ريختر، حتى تقوم بقياس مشاعر الطرف الآخر تجاهك، تذكر دوماً أننا حينما نعيش في تجربة عاطفية، نحن المستفيدون دائماً، فقد استطعنا أن نحقق إعجازاً عظيماً ورائعاً، فالخوض في تجربة ليس بالأمر الهين أو السهل، وأن تكون مخلصاً ومحباً لمن اختاره قلبك يعتبر من أهم الإنجازات التي ستظل تذكرها في حياتك.
لكن، لا تقلق نفسك بالسؤال، لا تلم نفسك حينما تحب، وحينما تفارق، لا تقس على قلبك كثيراً، دلّلـه، وأفرط في الاهتمام به، اشتر لقلبك أجمل الهدايا، أعطه فرصة للسفر، للسباحة في المحيط الهندي والهادي، للطيران في سماء غينيا، للصيد في رحاب الربع الخالي، وإذا سألك أحدهم ذلك السؤال الأحمق «هل تظن أنه أحبك؟»، أجب بهدوء «لا يهم، المهم أن عضلة قلبي تحركت»، ولا تلتف إلى السائل أو تحاول أن تشرح وتوضح له العديد من الأمور، التي تدلل على حب هذا
الكائن لك.
لأنك تستحق الحياة والحب، تذكر دوماً إن لم يستطع الطرف الآخر حبك، حتماً فالمشكلة ليست بك، إنما في قلة بصيرة الآخر الذي لم يكن واعياً كفاية، لكي يتلمس أثر وجودك في حياته، أنت المحظوظ حينما تركت العميان، لكي تحلق بحياة لا ترتدي عدسات طبية، فما أسوأ التحليق بنظارة طبيبة، أسألني أنا!
http://www.alkuwaityah.com/ArticleDetail.aspx?id=9469

--
كاتبة سعودية
twitter: @sarahmatar
sarahmatar82@gmail.com


سارة مطر

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق