على غفلة منا !
فقدنا الكثير من الأشياء .. وتنازلنا عن الكثير من الأشياء ..
ووجدنا أنفسنا فوق بقعة من واقع لا تمت لأحلامنا بصلة،
وجسدنا أدواراً لا تناسبنا .. ولا تحمل ملامحنا ..
واحتسينا الخضوع من كأس الظروف قطرة قطرة .
على غفلة منا !
تغيرت الوجوه من حولنا .. وكثرت الأقنعة أمامنا .. وتلوثت الأعماق ..
وسال الوحل كالأدوية في طرقات علاقاتنا الإنسانية .. وساءت النوايا بلا حدود .
على غفلة منا !
فقدنا أشياء وفقدتنا أشياء .. ودمرنا أشياء ودمرتنا أشياء .. وضاعت أحلام ..
وضاعت أوطان .. ونكست أعلام .. وفقدنا شهية الحياة .. والاستمرار .. والبقاء ..
على غفلة منا !
أصبحنا على الرف المهمل من الحياة ووجدنا أنفسنا خارج سياج حكاية كانت لنا يوما .. وطناً!!
وخارج حصون مشاعر كانت لنا ذات يوم أملاً .. وخفتت أنوار ..
على غفلة منا !
بهت عالمنا الملون .. وانطفأت شموعنا المضيئة .. وفقد الحب هويته ..
وذبل الورد فوق أسوار أحلامنا .... وفقدنا شهية الكتابة .. وشهية الرسائل ..
وشهية الانتظار .. وأشياء أخرى كنا ذات يوم نمارسها .. بطفولة واشتهاء .. وربما غباء ..
على غفلة منا !
احترقت مدن أحلامنا .. واحترق أطفال دفاترنا .. وخمدت نار الحنين إليهم ...
وهجرنا أطلالهم .. وأسدلت ستائر المشهد الأخير ... وبنى النسيان أعشاشه في داخلنا ...
على غفلة منا !
استسلموا واستسلمنا للرحيل .. فرحلوا .. ورحلنا .. غابوا ... وغبنا ..
ففرت منا خلفهم أشياء .. كنا نحتفظ بها في قفص الذكرى .. وصندوق الذاكرة ! ففر الأمان ..
وفر الحنين .. وبقينا أسرى أسوار حكاية إحساس باءت بالفشل ...
على غفلة منا !
امتلأنا بالخوف .. وامتلأنا بالذل .. وامتلأنا بالحزن .. وامتلأنا باليأس ...
وشهدت أعيننا سقوط مدن من العزة والكبرياء .. قضينا أجمل العمر وأكثر العمر في تشييدها ...
على غفلة منا !
مرت سنوات العمر ... كبرنا .. تغيرت ملامحنا في المرآة .. تضخمت بنا السنوات ..
وجفت أشجار أيامنا ... ونزفنا صحتنا كالماء ... وأصبحت تفاصيلنا وطقوسنا تاريخاً ..
وإرتفع صفير القطار الأخير ..
على غفلة منا !
رحلت أشياء .. وجاءت أشياء .. وتغيرت أشياء .. واختفت أشياء .. وارتفعت أشياء ..
وسقطت أشياء .. وبنيت أشياء ... وانهارت أشياء ... وضاعت أشياء ...
وسُرقت أشياء ... وتطهّرت أشياء .. ودُنست أشياء ....
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق