الأحد، 16 أغسطس 2009

الحذاء الموجِع لحُبّ جديد_أحلام مستغانمي


«نحنُ نرتدي قلوبنا على أقدامنا. إنَّ الأحذية هي أفضل المؤشِّرات على ما يَمرُّ به الناس من حالات شعورية. الأحذية مُزيَّنة بالثقوب، وأحياناً بالنُّدوب».

جون سوان (متخصِّصة في تاريخ الأحذية)


الحُبّ يؤسِّس نفسه على ذاكرة جديدة. يحتاج إلى نادِل يُنظِّف طاولة الحُبّ، ينفض عنها الغطاء قبل أن يُجلِسَك عليها.نهرب من الذكريات المفترسة إلى حُبّ جديد سيفترسنا لاحقاً. لكننا نريده برغم ذلك، هرباً من حب سابق. نحن تماماً كَمَن يهرب من حريق يشبُّ في بيته، بإلقاء نفسه من أعلى طابق. لا يهمه أن يتهشَّم، المهم ألاَّ يموت محترقاً، أن ينجو بجلده من ألسنة النار. ولا يتنبَّه لحظتها إلى ما ينتظره أرضاً وهو يُلقي بنفسه إلى المجهول.


عندما تلجأ إلى حُبّ جديد لتنسَى حبَّاً كبيراً، تَوقَّـع ألاَّ تجد حبَّاً على مقاسك.


سيكون مُوجِعاً مُزعجاً كحذاء جديد. تريده لأنه أنيق، وربما ثمين، لأنه يتماشَى مع بدلتك. لكنّه لا يتماشى مع قلبك، ولن تعرف كيف تمشي به. ستُقنع نفسك مدة قصيرة، أو طويلة، بأنَّك إنْ جاهدت قليلاً في إمكانك انتعاله.

لكنّ «صانع الحذاء يُريدنا أن نتألم كي نتذكّره». ستدَّعي أنّ الجرح الذي يتركه على قدمك، هو جرح سطحي يمكن معالجته بضمادة لاصقة. كلُّ هذا صحيح. لكنك غالباً ما لا تستطيع أن تمشي بهذا الحذاء مسافات طويلة. قدَمُك لا تريده. لقد «أَخذَت» على حذاء قديم مُهترئ، مَشَت به سنوات.

لهذا قال القُدماء «قديمك نديمك»، وأنت في كلِّ خطوة تتقدَّمها لا تملك إلاَّ أن تعود بقلبك إلى الوراء.قد تقول لكِ صديقات، وأنتِ تسيرين مع رجل وسيم أو ثري أو مهم: «كم أنتِ محظوظة بهذا الرجل!».

وحده قلبك الذي تنتعلينه ويمشي بصعوبة إلى جوارك..

يطالبك بالعودة إلى البيت، وإخراج ذلك الحذاء القديم من صندوق الماضي.

على اللائي يَشقَيْن في الحياة بسبب ألم حذاء جديد، أو ذكرى حذاء قديم، أن يحمدن الله كثيراً على نعمة امتلاكهنّ أقداماً، أعني قلباً مشين به في دروب الحب. ثَـمَّـة مَن جاء ومضَى من دون أن يَبْرَح مكانه.

لم تمنحه الحياة قدمين.. عاشقتين.

وأولئك لم يمنّ الله عليهم، حتى بنعمة الشقاء والعذاب من الحب.


***


«بَقيتُ أتذمَّر من عدم امتلاكي حذاءً، حتى رأيت رجلاً بِلا قدمين»


«كونفوشيوس»

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق