الخميس، 22 نوفمبر 2012

ماري القصيفي :جسمكِ صار جسمي

جسمُكِ صار جسمي

أضبط نظام حياتي على إيقاعه

أحفظ تقلّبات مزاجه

أرصد دورات دمه ونبضاتِ قلبه

أسجّل مواعيد العناية به

أحفظ أدقّ تفاصيله

أتنزّه على تعرّجات الدروب إلى مذبح الشهوة فيه

أنتظر مواسم حرارة أعضائه وبرودة أطرافه ورطوبة جلده

أحصي شعراته وشعيراته

أراقب تغيّرات لونه

من زهريّ الخجل

إلى أصفر الانفعال

إلى تأجّج أحمر رغبته

ألاحق فراشاتٍ ملوّنةً في حقل ألغامه

أقطف ثمرتين عند إطلالتي عليه

وثمرتين عند انحداري إلى منبسط سهله

وثمرتين من غابة عذراء صغيرة فيها ساقية لا تنضب

يسقسق ماؤها طربًا حين يخطر ظنّي على بالها

جسمكِ واحتي في صحراء الحياة

أرتمي على عشبها الغجريّ تعِبًا تائهًا

وآكل من عسل فاكهتها وأمتصّ رحيق أزاهرها

قبل أن يناديني صوت الرحيل من جديد

لأتابع تجوالي الدائريّ عائدًا إلى مشارف انتظارك

جسمُكِ الصغير سمائي الشاسعة

أرسم عليها بأقلام الغيم مشاهدَ من عمري

كانت تقودني إليك

يا امرأتي البعيدة القريبة

يا امرأتي الطفلة الحكيمة

تسلّلي إلى ماضي حياتي

كي أعرفك منذ أن كوّنتُ جنينًا، أو فكرة، أو حلمًا

ورافقيني لأصير الرجل الذي أردتُ أن أكونه

لو عرفتك قبل اليوم”

***

تابعَ وهو يُغرق وجهَه في دفء عنقها:

“أنت امرأتي السريّة

وأنا أميرك المغمور تحت ليل شعرك

أنت ملكتي الجميلة

وأنا رأسك المرفوع تحت إكليل مجدك

أنت فتاتي الذكيّة

وأنا رجلك المتدفّق في دم قلبك

مذ عرفتك ذاتَ حزن وخريف

وأنا أعشق انتظاري لك

وأرسم للّقاء بك ألف مشهد ومشهد

وحين نلتقي يتكوّن الفردوس الذي لا يجيد تكوينه إلّا فكرُ الآلهة

يا عروسي البيضاء ككأس حليب

يا دمعتي الكحليّة في مرآة عينيك

أغلقي جفنيك عليّ

وأنقذيني من وقاحة العالم

ضمّيني بين أهدابك كي لا أتيه

أطبقي شفتيك على حزن كلماتي فتطربَ روحي

واعطيني جسدك ليصير جسدي الجديد

أرتديه يوم الشعانين…

وأتباهى

كالطفل البكر

كالصبيّ الأوّل

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق