الأربعاء، 16 سبتمبر 2009

أمشاط عاجية- لماذا تركت الحصان وحيدا Mahmoud Darwich

من القلعةِ انحدَرَ الغيمُ أزرقَ نحو الأزقةِ...
شالُ الحرير يطيرُ
وسربُ الحمام يطيرُ
وفي بِرْكَةِ الماء تمشي السماءُ قليلاً
على وجهها وتطيرُ
وروحي تطيرُ، كعاملة النحلِ، بين الأزقة
والبحرُ يأكلُ من خبزها، خبزِ عكّا
ويفرُكُ خاتَمَها منذُ خَمْسَةِ آلافِ عامٍ
ويرمي على خدِّها خدَّهُ...
في طقوس الزفاف الطويل الطويلْ
**
تقولُ القصيدةُ:
فلننتظرْريثما تسقط النافذةْ
فوق "ألْبُومِ" هذا الدليل السياحيِّ
**
أدخُلُ من إبْطها الحجريِّ،
كما يدخلُ الموجُ في الأبدية،
أعبُرُبين العصور كأنْيَّ أعبُرُ بين الغرفْ
أرى فيَّ محتوياتِ الزمانِ الأليفة
:
مرآةَ بِنْتٍ لكنعان،
أمشاطَ شعرٍ من العاجِ،
صحنَ الحساءِ الآشوري،
سيفَ المدافع عن نَومِ سَيِّده الفارسيِّ،
وقفزَ الصقور المفاجئ من عَلَمٍ نحو آخرَ
فوق صواري الأساطيل...
**
لو كان لي حاضرٌ آخرٌ
لامتلكتُ مفاتيحَ أمسي
ولو كان أمسي معي
لامتلكتُ غدي كُلَّهُ...
**
غامضٌ سَفَري في الزقاقِ الطويلِ
المؤدي إلى قمرٍ غامضٍ فوق سوقِ
النحاس.
هنا نخلةٌ تحمل البرجَ عنِّي،
وهاجِسُ أغنية تَنقلُ الأدوات البسيطةََ
حولي، لصنع تْرَاجِيدْيا مكررةٍ، والخيالُ
هنا بائعٌ جائعٌ يتجولُ فوق الغبار أَليفاً،
كأنِّيَ لا شأن لي بالذي سوف يحدثُ
لي في احتفالات يوليوس قيصرَ...
عمّا قليل!
**
أنا والحبيبةُ نشربُ
ماءَ المَسرَّةِ
من غيمةٍ واحدةْ
ونهبط في جَرَّةٍ واحدةْ!
**
رسوتُ بمينائها، لا لشيءٍ سوى
أنّ أُمي أضاعت مناديلها ههنا...
لا خرافةَ لي ههنا. لا أُقايضُ
آلهةً أو أُفاوضُ آلهةً.
لا خرافةَ
لي ههنا كي أعبئ ذاكرتي بالشعيرِ
وأسماءِ حُرَّاسها الواقفين على كتفيَّ
انتظاراً لفجر تُحُتْمُس.
لا سيف لي،
لا خرافةَ لي ههنا لأُطلِّق أُمي التي
حَمَّلتني مناديلَها، غيمةً غيمةً، فوق
ميناء عكا القديمة... عند الرحيلْ!
**
ستحدث أشياء أخرى
سيكذب هنري على قلاوون بعد قليل
سيرتفع الغيم أحمرفوق صفوف النخيل...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق